ما هو العصر الجاهلي؟
العصر الجاهلي هو العصر الذي يسبق بعثة الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام)، أي عصر ما قبل الإسلام، وقد سمي بهذا الإسم تعبيرًا عن الجهل في الدين، وليس الجهل الفكري أو الحضاري، فقد كان العرب في ذلك العصر في تطور فكري ذو طراز رفيع، ولكن يقصد بالجهل هنا عبادة الأصنام والغلظة والسفه الذي كان منتشرًا في طباع العرب، أي الجهل الذي يناقض بمعناه الحلم؛ وليس الجهل الذي يناقض بمعناه العلم، وقد أتى لفظ الجاهلية في القرآن الكريم في قول الله عز وجل:
– يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
صفات العرب في العصر الجاهلي
انتشرت في ذلك العصر صفات كالشدة والغلظة نظرًا لطبيعة البيئة القاسية التي كان يحيى فيها الإنسان العربي؛ فهي بيئة صحراوية قاحلة تجبر المرء على صعوبة العيش والتنقل من مكان لمكان. كما انتشرت الحروب بين القبائل لأسبابٍ تافهة أحيانًا ، وآمن العرب بالثأر إيمانًا عميقا، ولكن مع ذلك فقد عرف عنهم القوة والمروءة والكرم والكرامة، كما عرف عن العربي حسن الضيافة؛ فقد كانوا يساعدون الضالين ويأمنونهم حتى ولو كانوا أعداءً لهم، وعرفوا أيضًا بالعفو، ولكنهم اشترطوا اقترانه بالمقدرة وإلا كان ضعفًا. كما أن الشجاعة والقوة كانا من أهم صفات العربي، وكان العربي مغرمًا بالفروسية ويسعى دائمًا لخوض دور البطولة والشعور بالانتصار.
الحياة الاجتماعية في العصر الجاهلي
– انقسمت القبائل إلى القبائل الشمالية وهي العدنانية، والقبال الجنوبية وهي القحطانية، عرف عرب الجنوب بالتحضر وبعض من عرب الشمال، لكن معظم عرب الشمال كانوا بدو رُحل ينتقلون في شبه الجزيرة بين القبائل، وأما عرب الجنوب المعروفين بالتحضر فكانت حياتهم مستقرة، استغلوا الأرض وعملوا في الزراعة والحرف، وأما البدو فكانوا في تنقل دائم باحثين عن المأكل والمشرب.
– آمن العرب بأنسابهم واعتزوا بها، وكانت مدعاة للتفاخر بينهم، ما كان يشعل الصراعات والحروب بينهم، خاصة بين القبال القحطانية والعدنانية (قبائل الشمال وقبائل الجنوب).
– آمن العرب أيضا بنظام القبيلة، التي كانت كالملاذ لأبنائها، تحميهم وتدافع عنهم.
الحياة الدينية في العصر الجاهلي
– اشتهر العرب بعبادة الأصنام كاللات والعزى ومناة وسواع ويعوق ونسرا، وكانت على صورة طير أو حيوان أو إنسان، وكانوا يقدمون لها القرابين والهدايا.
– وكان منهم من يعبد الكواكب والقمر والشمس والنجوم وسموا بالصابئة، ومنهم من كان يدين بالمسيحية خاصة في مناطق نجران واليمن والغساسنة والحيرة وربيعة، وفئة أخرى تدين باليهودية في خبير ويثرب وتيماء، وعرفت ديانات أخرى منها الزرادشتية (الايمان بالخير والشر)، وكان هناك فئة صغيرة تسمى (الحنفية) كانوا يؤمنون بعبادة الله الأحد ومنهم ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو، حتى كانت بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام فاعتنق الناس الدين الإسلامي وتبنوا عقيدة التوحيد.
المرأة في العصر الجاهلي
لم تتمتع المرأة في العصر الجاهلي بحقوق كثيرة؛ انتشرت عادة وأد البنات؛ بسبب تطير العرب بالإناث وخوفًا عليهن من البغي وإلحاق العار بهم، كما كانت تحرم من الميراث. وعلى صعيد آخر فكانت هناك فئة النساء الحرات اللاتي كانت تتمتع بمزايا أخرى فكانت تصحب الرجال في الحروب، وتأخذ بالثأر، وكن يمارسن التجارة وكن يخترن أزواجهن وإذا أساؤوا معاملتهن تتكرنهم.
الشعر في العصر الجاهلي
شهد العصر الجاهلي إزدهارًا شعريًا واضحًا، وكان فطريًا لديهم، فأجادت الشعر أغلب طبقات المجتمع. وكان للشاعر مكانة مرموقة لدي قبيلته، فكان هو حامي العرض، وحافظ الآثار، وناقل الأخبار، وكان يتغنى بانتصارات القبيلة، يرثي موتاها، ويهجو أعداءها. وبلغ الشعر مكانة عظمى في المجتمع الجاهلي مع شعراء المعلقات والشعراء الصعاليك.
ومن أشهر شعراء العصر الجاهلي: امرؤ القيس – الأعشى الأكبر – النابغة الذبياني – عنترة بن شداد – الخنساء – طرفة بن العبد – زهير بن أبي سلمى، عروة بن الورد.
المصادر:
كتاب العرب في العصر الجاهلي، للدكتور ديزيزه سقال