نشأة الدولة العباسية (132 – 656 هجريًا)
– تنسب الدولة العباسية إلى العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم، أما مؤسس الدولة العباسية فهو أبو العباس بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن عباس بن عبد المطلب، وقد اشتهر بأبي العباس السفاح.
– قامت الدولة العباسية بعد معركة دموية كبيرة سميت بمعركة الزاب عام 132 هجريا؛ بين عبد الله بن علي وهو عم أبو العباس بن عبدالله وبين الخليفة الأموي مروان بن محمد، وانتهت المعركة بهزيمة الجيش الأموي، وقيام الدولة العباسية.
– وتعد الدولة العباسية هي ثالث خلافة للمسلمين.
– مما لا شك فيه أن انتقال الخلافة من الأمويين إلى العباسيين قد صحبه تغيير جذري، وقد تجلى ذلك في الاتجاه العام للدولة العباسية، وتمثل في بادئ الأمر بانتقال عاصمة الدولة من دمشق إلى بغداد، مشكلًا بذلك خطوة للانتقال من الثقافة البيزنطية إلى الثقافة الفارسية.
التأثيرات الفارسية على الدولة العباسية
اتبع العباسيين الكثير من العادات الفارسية؛ كالاستئثار بالسلطة، والاحتجاب عن الناس، الإحاطة بالحرس والحاشية، وطرق خاصة للترحيب بالسلطان؛ كالانحناء وتقبيل الأرض أو الثوب، قد خالف العباسيون بذلك الروح العربية السمحة التي ظللت حياة الأمويين.
كذلك أخذ العباسيون من الفارسيين مفهوم الوزارة وأصبح للوزير اختصاص ومظهر وتسمية جديدة، واحتل الكثير من الفارسيين منصب الوزارة في الدولة العباسية كالبرامكة وبني سهل وبني طاهر، كما اتبع رجال الدولة التقاليد الفارسية القديمة في العمل والمراسلات.
تقسيم تاريخ الدولة العباسية
حكمت الدولة العباسية قرابة 524 عام، وانقسمت إلى أربعة عصور وفقًا لأوضاع الدولة الثقافية والسياسية والاقتصادية والفكرية، فقسمت إلى:
العصر الأول (عصر القوة والازدهار): 132 – 232 هجريًا
العصر الثاني (عصر النفوذ التركي): 232– 334 هجريًا
العصر الثالث(عصر النفوذ البويهي الفارسي): 334 – 447 هجريًا
ويسمى بعصر الدول والإمارات، وسمي بهذا الاسم بسبب ظهور الإمارات في مختلف أنحاء الدولة، وأبرزها الإمارات الحمدانية في بلاد الشام،والبويهيَّة في بلاد فارس والعراق، والاخشيدية في مصر، والفاطميَّة في مصر أيضا (357-567هـ).
العصر الرابع(عصر النفوذ السلجوقي التركي): 447 – 656 هجريًا
الحياة الفكرية في الدولة العباسية
– اتفق الجميع على أن بغداد كانت مركزًا عريقًا للثقافة في ذلك العصر، وبسبب تأثر الدولة العباسية بالفارسية فإن ذلك التأثر بدى واضحًا أيضًا في ازدهار فنون الغناء والطرب والمأكل والملبس والزينة والملذات، مما كاد يؤثر على المستوى الخلقي والشخصية الإسلامية، فظهر اتجاه الدعوة والزهد يحث الناس على التمسك بالدين والعادات الإسلامية.
– وأصبحت حاجة المسلمين في عهد العباسيين شديدة للانفتاح على العالم، ومعرفة أساليب الحكم والإدارة والسياسية والعلم والاجتماع والفلك والطب والفلسفة وغيرها، ومن هنا نشطت حركة الترجمة ولاقت تشجيعًا واسعًا من الخلفاء العباسيين، وأول من فتح باب الترجمة واعتنى بها هو المنصور العباسي، ففي عهده ترجمت كتب “كليلة ودمنة”، “الهند والسند” وكتاب اقليدس وكتاب الارثماقيطي، وافتتح الكثير من مراكز الترجمة في الإسكندرية، جندي سابور، حران، والرها.
– وكثرت الترجمة اليونانية أيضًا في عصر الدولة العباسية خاصة في عهد هارون الرشيد بتشجيع من وزيره جعفر البرمكي، كما أسس الرشيد خزانة الحكمة وأصبحت مركزا للترجمة، وزاد تشجيع البرامكة للمترجمين.
– وفي مجال الرياضيات؛ نبغ محمد بن موسى الخوارزمي في عهد الخليفة المأمون، ويعد أول من درس الجبر وجعله فرعًا منفصلًا عن الرياضيات، وفي مجال الكيمياء نبغ جابر بن حيان وألف كتبًا كثيرة في المعادن والأحجار، وعرف في التنجيم “عبدالله بن نوبخت” و”جعفر بن عمر البلخي” ، كما عُرِف في الهندسة بن أرطاء، واشتهر كوهين “العطار اليهودي” في الصيدلة وألف كتابًا عن العقاقير أسماه “صناعة الصيدلة”.
– انشغل الناس في عصر الدولة العباسية بالعلوم الدينية، وظهر علم الكلام، وزادت حركة المتكلمون، فتكلم الناس في علوم القرآن، وأقام المأمون مجالس للمناظرات بين العلماء تحت رعايته وفي حضرته، وقيل أن هدف المأمون في ذلك هو نزع الخلاف بين المتناظرين والوصول لعقيدة ثابتة، لا يزيغ الناس عنها، كما انشغل العلماء بعلم القراءات وصولًا إلى علم تفسير القرآن، وكذلك علم الفقه، كما ظهرت مدرستان: مدرسة أهل الحديث للإمام مالك، ومدرسة أهل الرأي للإمام أبو حنيفة، كما ظهر الإمام الشافعي في العصر العباسي وجمع بين مدرستي النقل والرأي..
الشعر في الدولة العباسية
– ازدهر الأدب العباسي نتيجة حياة الترف التي عاشها العباسيون، وكذلك التأثيرات الفارسية، فحصروا أوزان الشعر في 15 بحرًا وزاد عليها الأخفش بحرًا، فصاروا 16 بحرًا وعرفوا بعلم العروض.
من أبرز شعراء العصر العباسي:
أبو نواس – أبو العتاهية – أبو تمام – البحتري – ابن الرومي – أبي الطيب المتنبي “شاعر سيف الدولة”
المعالم العمرانية للدولة العباسية
1 – مدينة بغداد بناها المنصور عام 146 هجريا،
2- قصر الأخيضر.
3- قصر المعتصم في سامراء وكانت سامراء تعد العاصمة الثانية للدولة العباسية.
4- المسجد الجامع في سامراء بمئذنته الحلزونية المشهورة.
5- نرى العديد من فنون التصوير داخل القصور والآثار العباسية كالنحت على الحجر، والزخارف الجصية، والتصوير الجداري، والنقوش والزخارف النباتية الموجودة على المنحوتات من الخشب وغيره، وكذلك الأواني الخزفية ذات الزخارف الفريدة.
سقوط الدولة العباسية
في نهاية القرن التاسع الميلادي، بدأت الدولة العباسية في الضعف، وبدأ الخلفاء العباسيون يفقدون سيطرتهم على البلاد الخاضعة لهم، وزاد نفوذ الموالي والولاة؛ فانفصلت بعض البلدان عن الدولة العباسية فظهرت الدولة الطولونية في مصر، والعبيدية بشمال افريقيا، والطاهرية بخراسان، والصفارية والزيدية ببلاد ما وراء النهر، واقتصرت حدود الدولة على بغداد، حتى جاء المغول الذين كان يحكمهم هولاكو وأنهوا وجود الدولة العباسية بنهاية مروعة، فأحرقوا ودمروا بغداد وقتلوا الخليفة المستعصم بالله عام (656 هجريا- 1258 ميلاديا).