بحث حول صحيح مسلم

“تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا ، كتاب الله وسنتي” بهذه الكلمات العظيمة التي ألقاها سيد البشرية وخاتم المرسلين في خطبة الوداع على جبل عرفات أكد على أهمية كل من القرآن الكريم والسنة النبوية في حياة كل مسلم، وصحيح مسلم واحدًا من أعظم كتب السنة التي نحن بصدد الحديث عنها اليوم.

وإدراكًا من الصحابة بأهمية الأحاديث النبوية التي تعتبر مكملا أساسيا للقرآن وورد بها تفسير للكثير من القضايا والمعاملات التي يلاقيها الإنسان خلال حياته اليومية و بذلك يحتاج لمرشد وسند له كي يتعامل معها بالشكل الصحيح، ما دفعهم إلى العمل بشكل جدي على جمع أحاديث النبي ص.

ومن بين الاجتهادات العظيمة التي حاولت جمع الأحاديث الصحيحة وحفظها كان الإمام مسلم الذي جال البلدان والأمصار كي يجمع الأحاديث التي وردت عن النبي ص وسمع من الأقوام العديدة حتى يقوم بالانتقاء على أسس صحيحة.

وخلال هذا البحث سوف نتطرق إلى رحلة الإمام مسلم في جمع صحيح مسلم مع التعريف به ووصف عام للكتاب ومنهجه، لكونه واحدًا من أهم كتب السنة النبوية التي يعتز بها المسلمين على مر العصور ويعتبرونه مرشدًا لهم.

التعريف بـ صحيح مسلم

عُرف الكتاب بهذا الاسم نسبة إلى مؤلفه وجامعه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري والذي يضم اسمه لقب مسلم نظرًا لتفضيل العرب للاختصارات عن الأسماء الطويلة آنذاك.

وتربى الإمام مسلم وعاش في بيئة علمية وإيمانية جيدة ساهمت في تكوين شخصيته وحبه لدراسة العلوم الدينية، حيث بدأ بحفظ الأحاديث النبوية في سن صغير وهو لم يتجاوز الثانية عشر من عمره، وحرص على التوسع والدراسة حتى أنه أحب تجميع الأحاديث لتكون دليلًا ومرشدًا لجميع المسلمين.

وإذا جئنا إلى اسم صحيح مسلم الحقيقي نجد أنه هو “المسند الصّحيح المُختصر من السّنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم”، ويلقبه الكثير أيضًا باسم الجامع، لأنه يجمع ويضم جميع أبواب الحديث من عقائد وأحكام وآداب وتفسير وتاريخ ومناقب ورقاق.

وفي صحيح مسلم حرص الإمام مسلم كل الحرص على جمع كل ما هو صحيح من أحاديث النبي ص والتي قالها بنفسه وسمعها عنه الصحابة وترك كل ما هو وهن وضعيف وبه شك، واستغرق في بحثه ما يقرب من خمسة عشر عامًا واقتدى في كتابه بصحيح البخاري.

ويعُد صحيح مسلم ذو مكانة عظيمة عند أهل السنة والجماعة حيث أنه الكتاب الثالث بعد القرآن الكريم وصحيح البخاري، وفي بداية الكتاب وضع الإمام مسلم مقدمة مختصرة لتوضيح منهج الكتاب مع ذكر سبب التأليف وهو تلبية المطالب وإجابة الأسئلة.

ومن خلال المقدمة أيضًا تم توضيح أقسام الكتاب الذي اشتمل على أكثر من أربعة آلاف حديث بغير المكرر تم اختيارهم وانتقائهم من ضمن ثلاثمائة ألف حديث من محفوظاته التي قام بجمعها على مدار أعوام عديدة ورحلات طويلة.

هذا وقم حرص الإمام على تقسيم صحيح مسلم إلى العديد من الكتب وكل كتاب إلى أبواب موضوعة بعناية ودقة شديدة، حيث بلغ عدد الكتب داخل الصحيح 54 كتابًا كان أولها كتاب الإيمان وآخرها كتاب التفسير.

فضل صحيح مسلم

  • الكتاب تم جمعه وتنسيقه بطريقة تسهل على المسلم الراغب في البحث عن معنى حديث بعينه دون عناء، وذلك لاهتمام الإمام مسلم بوضع جميع الأحاديث ذات الموضوع الواحد والتي تدور حول نفس الفكرة في باب واحد.
  • لم يتم وضع حديث في صحيح مسلم دون أن يكون له سند أو شاهد يؤكد صحته.
  • يجمع صحيح مسلم الزوائد من الأحاديث بألفاظها كاملة لتجنب عدم تكرار الأحاديث ذات المتون المتشابهة، إلا إن كانت هناك زيادة ذات أهمية في متنه.
  • نال الكتاب مكانة كبيرة في نفوس العلماء لاتسامه بالدقة العالية والدرجة العلمية الكبيرة، حتى شرع الكثير من المؤلفين لشرح صحيح مسلم لأهميته الكبيرة.

مآخذ العلماء على صحيح مسلم

تم توجيه بعض المآخذ والانتقادات إلى صحيح مسلم حيث رأى بعض العلماء أن الكتاب ضم مجموعة من الأحاديث الضعيفة والتي بلغ عددها 80 حديثًا، بينما صحح أهل السنة وعلى رأسهم ابن تيمية العدد وتم الاستقرار على ضم صحيح مسلم لثلاثة أحاديث ضعيفة.

Web Media
Web Media
تعليقات