ذُكرت قصة سيدنا عيسى في القرآن الكريم. وعيسى عليه السلام ابن مريم التي كانت مطيعة وعابدة لله لا تعصي أوامره، وكان قد كفلها زكرياء عليه السلام وتكفل كل مصالحها، حيث كانت تسكن المحراب ودائما تجد الرزق كلما كانت تصلي فقد كان يرزقها الله من حيث لا تحتسب.
قصة سيدنا عيسى
مولد سيدنا عيسى عليه السلام
ذات يوم كانت مريم عليها السلام تعبد الله سبحانه وتعالى في المحراب عاكفة كعادتها، فدخل عليها رجل ووقف أمامها فخافت منه ظنًا منها أنه سيأذيها وإذا به جبريل عليه السلام، بعثه الله سبحانه وتعالى لمريم ليبشرها بأنها سوف تلد غلاًما من غير أن تتزوج بأحد، ووقتذاك علمت مريم أنه رسول وملاك من رب العالمين، فانبعثت الطمأنينة لنفسها وأيقنت أنه لن يؤذيها، ومرت الأيام ومرت فترة الحمل بسلام حتى جاء موعد ولادتها.
فكانت مريم قد اعتزلت الناس وذهبة إلى مكان بعيد حيث كانت تشعر بألام المخاض وهي تحت جذع نخلة يابسة كانت تشعر بالحزن تقول في نفسها ياليتها كانت غير موجودة وتمنت الموت في نفسها، كما جاء في قول الله تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا).
ولكن في هذا الوقت من اليأس حلت بها رحمة الله وطمأنتها حيث قال الله تعالى: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا*وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا*فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا).
وبعدها رجعت مريم إلى قومها ومعها عيسى ابنها الطفل التي تحمله بين يديها، ولكن نفر منها قومها وذلك لأنهم يعلمون أنها غير متزوجة، ولكن الله سبحانه وتعالى كان قد وصى مريم عليها السلام بأن لا تكلم البشر اليوم، وبالفعل لم تستجيب لما يقولونه وكانت تشير إلى عيسى عليه السلام، فأنطقه الله سبحانه وتعالى، فقال: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا*وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا*وَبَرًّا بِوَالِدَتِي).
نبوة عيسى عليه السلام
كان عيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل، بعثه الله في اليهود. واتبعه النصارى (نسبة لقرية ناصرة التي ولد فيها المسيح أو لأنهم ناصروه عليه السلام) وذلك لما رأوه منه من معجزات أنعم الله سبحانه وتعالى بها عليه حيث كان عيسى ابن مريم يحيي الموتى ويبرء الأكمه والأبرص بمشيئة الله.
ولكن النصارى كان فهمهم خاطئ لذلك حيث كانوا يتخذونه إلهًا مع الله ويتسببون في ذلك بأنه قد ولد من غير أب، ولكن الله سبحانه وتعالى أوضح ذلك في القرآن الكريم حيث قال الله تعالى: (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ).
وها هي حقيقة سيدنا عيسى حيث كان مثل باقي البشر هو والسيدة مريم أمه، ولكن ما جاء به من معجزات ما هي إلا نعم أنعم الله بها عليه وميزه بها، وكان سيدنا عيسى عليه السلام ماهو إلا رسول من الله بعثه برسالة للبشر كباقي الرسل.
معجزات عيسى عليه السلام
كانت المعجزات التي أنعم الله بها على سيدنا عيسى كثيرة وتمثلت في:
- كانت المعجزة الأولى هي الأصل في كيفية الحمل به وهو بدون أب.
- بعدها ولادة السيدة مريم له تحت جذع النخلة اليابسة وطمأنة الله لها ومعية الله معها.
- نطق الله لسيدنا عيسى عليه السلام وهو ما زال طفل رضيع لقومه.
- أنعم الله على عيسى عليه السلام بإحياء الموتى وكان يبرء الأكمه والأبرص بإذن الله.
مسألة صلب المسيح عيسى
يعتقد النصارى أن سيدنا عيسى قد مات مصلوبا، لكن القرآن يجيب على هذا الافتراء حيث يقول الله تعالى “وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَ مَا قَتَلُوهُ وَ مَا صَلَبُوهُ وَ لَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا” النساء 157.
والحقيقة كما جاءت في الآية الكريمة هي أن اليهود الذين كانوا حاقدين على عيسى عليه السلام فخططوا لقتله، لكنهم حينما أرادوا فعل فعلتهم الشنيعة شُبه لهم شخص آخر أنه عيسى فصلبوه بدله. أما نبي الله عيسى عليه السلام، فقد رفعه الله تعالى عنده ويعتقد أنه حي ينزل عند خروج المسيح الدجال ليقتله كما جاء في الحديث الشريف عَن أبي هُرَيرةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَماً مُقْسِطاً، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ”.