بحث حول ابن رشد حياته وفكره

ابن رشد هو أشهر الفلاسفة المسلمين وأكثرهم شهرةً وعلمًا، وهو أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد، نبغ بالعصر الأندلسي وتحديدًا بمدينة قرطبة والتي ترعرع بها العلم والعلماء في شتى المجالات وسط إهتمام كبير من ملوكها.

نشأة إبن رشد

ينسب إبن رشد إلى أعرق العائلات الأندلسية، وكان الناس في زمنه يطلقون عليه “فيلسوف قرطبة”، ولد عام 1126 م بقرطبة، نشأ نشأة دينية فتعلم الفقه وأصول الدين واللغة، ثم تطلع إلى تعلم العلوم الأخرى كالرياضيات والطب وعلم الكلام، ولذلك كان يثقل فلسفته بالعلم والدين، مما أكسبه المزيد من الحكمة ورشاد الرأي.

وقد ورد عن إبن رشد أنه كان شديد التواضع رغم ما كان يمتلكه من علم، وكان ذو أخلاق رفيعة، وكان يمتلك نظرة خاصة للحياة،  كما كان يحظو بمكانة كبيرة لدى الخلفاء والملوك.

عمل إبن رشد قاضيًا على إشبيلية في فترة من حياته عام 1160 م، وإستمر يتنقل من مجال لآخر، فقربه الخليفة أبو يعقوب إلى بلاطه ووكله مهنة الطب داخل القصر، وعمل على ترجمة بعض الأعمال الفلسفية لأفلاطون، وقام بشرح فلسفة أرسطو.

الجمع بين الدين والفلسفة

كان منهج ابن رشد يعتمد على الجمع بين الحكمة والشريعة، وكان يرى أن المجتمعات لا تستقيم إلا بالعلم والفكر إلى جانب القيم الدينية، ويرى ابن رشد أن الشريعة قد تم أخذها من الوحي والفكر، ولذلك فإنه يرى أن جميع الرُسل فلاسفة، ويقر ابن رشد بأن هناك بعض الأمور بالشريعة لا يستطيع العقل البشري إدراكها، ولذلك يؤكد على الوحي والإلهام الإلهي، وكان ذلك فيما إصطلح عليه بأفكار ابن رشد وعرف بـ “التوفيق بين الحكمة والشريعة”.

كان لإبن رشد آراءً خاصة بالمعرفة مثله كمثل الفلاسفة القدامى أمثال أرسطو وأفلاطون، أما ابن رشد فقد ربط بين المعرفة وبين الإتصال الإلهي، فالإنسان يدرك الأشياء من خلال عقله البشري وحواسه الخمس، لكنه يبقى محتاجًا إلى الإلهام الإلهي الذي يساعده على معرفة الحقائق من حوله، وقد وصف ابن رشد جميع الناس بأنهم متساويون وذلك إستنادًا إلى أن الروح فانية لدى جميع المخلوقات.

إتهام ابن رشد بالإلحاد

مر إبن رشد بأوقات عصيبة حيث تم إتهامه بالكفر والإلحاد، وقد أخذت عليه بعض المآخذ من العلماء ورجال الدين، فبعضهم رأى أنه إتبع في أفكاره آراء أرسطو التي تتعارض مع شرائع الدين الإسلامي، وأنه لم يعتن جيدًا بقيمة السنة النبوية فلم يعطها حقها كأحد أعمدة الشريعة الإسلامية، إلى جانب دعوته إلى الإجتهاد في بعض أمور الشريعة المسلم بها.

ولا يعد ذلك الأمر جديدًا على جميع الفلاسفة، فالفلسفة دائمًا يعتبرها البعض علمًا شائكًا ومريبًا ويدعو إلى الخروج عن المألوف، ولكن لا يعني إعمال العقل والبحث والتدبر والإجتهاد خروجًا عن الدين مادام يتم في إطار الوعي والقيم الإجتماعية وسعيًا للوصول إلى الحقيقة.

وقد كانت الحقيقة بالنسبة لإبن رشد تعتمد على الشريعة الإلهية، وعلى الفلسفة والإجتهاد، ولكنه قام بسرد الكثير فيما يخص جانب الفلسفة بصفته فيلسوفًا وحكيمًا، فكان يعرض آرائه المختلفة، والتي انبثق بعضًا منها من آراء أفلاطون وأرسطو، ولعل هذا ما دعى البعض لإتهامه بالإلحاد في عصره.

بعض مؤلفات ابن رشد

  • جوامع سياسية أفلاطون.
  • شرح أرجوزة ابن سينا.
  • فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من إتصال.
  • الكشف عن مناهج الأدلة.
  • الكليات (في الطب).
  • مختصر المستصفى (في الأصول).
  • بداية المجتهد ونهاية المقتصد.
  • التمهيد الفقهي المتميز.
  • تهافت التهافت.

وفاة ابن رشد

توفى ابن رشد عام 1198 م بمدينة مراكش، وتم نقل جثمانه بعدها إلى قرطبة، وتوفى بعد أن قدم الكثير من الأفكار والآراء التي مازال الكثير من الفلاسفة يسترشدون بها، ويرجعون إليها، واستطاع أن يثبت مكانته بين الفلاسفة العالميين والعرب والمسلمين بشكل خاص.

Web Media
Web Media
تعليقات