أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929 التي تعتبر من أكبر المشكلات التي واجهت العالم في القرن العشرين، حيث عانى العالم بأكمله وجميع الطبقات من هذه الأزمة الحادة التي كادت أن تدمر بلدانا كثيرة وتشرد عائلات كثيرة خاصة في الدول الفقيرة والنامية.
أزمة العالم الرأسمالي الكبرى لسنة 1929
يتساءل الكثير عن سبب انتشار هذه الأزمة وهنا سوف نعرض بعض التفاصيل الهامة:
- في أواخر سنة 1929 تعرض العالم كله لأزمة اقتصادية مخيفة داخل النظام الرأسمالي كادت تنهي على العالم كله.
- هذا التدهور كان سببه هو هبوط مفاجئ في بورصة وول ستريت المتواجدة في الولايات المتحدة الأمريكية.
- كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي أول الدول التي عانت، حيث بدأت الأزمة منها ثم انتشرت إلى باقي القطاعات والمستعمرات المجاورة لتشمل العالم كله.
- بدأت الأزمة يوم 24 أكتوبر وبعد ذلك انتشرت لتؤثر على اقتصاد باقي الدول المجاورة للولايات المتحدة الأمريكية.
ما هو السياق التاريخي لانطلاق الأزمة من الولايات المتحدة الأمريكية
يوجد الكثير من المحطات التي مر بها العالم حتى تظهر هذه الأزمة وتنتشر، وهنا سوف نعرض بعض التفاصيل:
- أولاً السياق التاريخي لانطلاق الأزمة، حيث أنه في بداية القرن التاسع عشر كان النظام الرأسمالي يشهد ازدهارا وتقدما كبيرا في الولايات المتحدة الأمريكية.
- كانت الولايات المتحدة من أول الدول التي ظهر فيها هذا الرخاء والتقدم الاقتصادي خاصة خلال الحرب العالمية الأولى، حيث أنها قامت بمساعدة الدول الأوربية وتوفير جميع معدات الحرب أو امدادهم بالتغذية الضرورية.
- تميزت هذه الفترة بالتقدم الاقتصادي والازدهار والانتعاش، ولهذا السبب كان هناك منافسة شديدة بين الدول في البورصة.
- كان الجميع يتسارع لإحراز أكبر قدر من الأرباح في البورصة.
- ازداد سحب القروض من البنوك في هذه الفترة حتى يستطيع الفرد شراء قدر كبير من الأسهم في البورصة باحثاً عن الربح.
- تعرضت البورصة للاختلال في هذه الفترة بسبب زيادة عدد المنافسين الذين يقومون بشراء عدد كبير من الأسهم بغرض التنافس.
- حدث اختلال كبير في البورصة في فترة قصيرة حيث أنه تم شراء عدد كبير من الأسهم وزيادة عدد المنافسين في سوق البورصة وفي نفس الوقت تراجع عدد كبير من المنافسين عن شراء الأسهم وكان السبب الرئيسي هو امتناع البنوك عن توفير القروض للعملاء.
- بسبب عدم توافر القروض البنكية تم الاستغناء عن الكثير من العملاء كما أنه سقطت الكثير من الأسهم وشهد العالم خسارة اقتصادية كبيرة.
- بسبب انهيار ثمن السهم الواحد تعرضت الكثير من الشركات للانهيار ومنها شركة الصلب المتحدة.
- يوم 24 أكتوبر كانت بداية الأزمة المالية حيث أنه سقطت البورصة وقل معها ثمن الأسهم بنسبة حوالي 80% من الثمن الاصلي للسهم حيث وصلت عدد الأسهم التي تعرضت لانهيار حوالى 18 مليون سهم.
مظاهر انتشار الأزمة داخل القطاع الأمريكي
توجد العديد من مظاهر انتشار الأزمة في العالم كله وهنا سوف نعرض بعض المعلومات الهامة:
- بسبب تعرض البورصة للاختلال وانهيار قيمة السهم الواحد لم يستطع المتنافسون تسديد جميع القروض التي تم سحبها من البنوك فتعرضت البنوك أيضاً لأزمة اقتصادية أدت بها إلى الإفلاس.
- لم يتوقف الأمر هنا، ولكن لم يتم تسديد أي ديون سواء كانت بغرض الاستثمار أو الاستهلاك وأثر ذلك على المؤسسات الصناعية.
- بسبب إفلاس المؤسسات الصناعية نتج تناقص في المنتجات الصناعية وتعرض الفلاحون للإفلاس، وذلك بسبب عدم قدرتهم على تسديد الديون.
- عندما تعرض الفلاحون لهذه الأزمة ولم يستطيعوا زيادة الإنتاجية وتوفير دخل مناسب تم الحجز على جميع ممتلكاتهم والأراضي الزراعية الخاصة بهم وذلك حتى يتمكنوا من تسديد جميع الديون.
- بسبب قلة الإنتاج وإفلاس المؤسسات الصناعية نتج ركود تام لعملية التجارة، حيث لم تتوفر أي منتجات حتى يتم توريدها إلى دول أخري وكسب المال من خلالها.
- ظهرت الكثير من المشاكل عند توقف الحركة التجارية منها عدم القدرة الشرائية وزيادة نسبة البطالة في كثير من الدول.
- في سنة 1932 زادت نسبة البطالة، حيث وصلت إلى 12 مليون فرد وكانوا هؤلاء الأفراد يعتمدون على مساعدة الدولة المقيمين بها أو طلب المساعدة من الدول المجاورة.
- لجأ معظم الأفراد للانضمام إلى طوابير المساعدة أمام المؤسسات الدولية أو الهجرة إلى الدول الأخرى الأقل تضررا ولم تؤثر عليها هذه الأزمة بشكل كبير.
- كان العديد من الشباب يفضلوا فكرة الهجرة للبحث عن عمل وعيشة أفضل في الدول الأوربية التي اجتازت هذه الأزمة بشكل أفضل.
- بسبب قوة الترابط الاقتصادي بين الدول الرأسمالية أدى ذلك إلى سرعة انتشار هذه الأزمة في العلم كله.
- بدأت الأزمة في القطاع الأمريكي ثم انتشرت إلى باقي الدول المجاورة حتي شلت حركة الاقتصاد في جميع أنحاء العالم.
- يوجد عدد من الآليات التي ساعدت في انتشار الأزمة ومنها سحب أمريكا جميع الودائع المتواجدة في البنوك الأوربية بشكل مفاجئ كما توقفت أمريكا من تقديم المساعدات إلى ألمانيا والنمسا وغيرها من الدول الأوربية.
- قامت أمريكا بتوقيف جميع الصادرات التي كانت ترسلها إلى الدول الأوربية مثل بريطانيا والبرازيل كما أنها قامت باسترجاع الديون وتوقيف المبادلات التجارية.
- قامت أمريكا بالتخلي عن نظام معروف باسم قاعدة الذهب كما أنها قامت باتباع نظام معين لحماية الاقتصاد الأمريكي من اليابان.
- قامت الولايات المتحدة الأمريكية بمراقبة مراكز الرأسمالية بشكل مباشر وفرضت عليهم تقليل ثمن الواردات وبذلك تم وصول الأزمة إلى المستعمرات.
- وصلت هذه الأزمة إلى العالم كله ما عدا الاتحاد السوفيتي السابق حيث أنه كان يتبع سياسة الاستغناء فلم يكن يصدر أو يستورد أي منتج خلال هذه الفترة.
أساليب مواجهة الأزمة
قامت الدول الكبرى بوضع بعض القوانين للتخلص من هذه الأزمة بسرعة ومن أهم هذه القوانين ما يلي:
- قام الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والذي تم انتخابه مؤخراً باللجوء إلى مجموعة من الخبراء لحل هذه الأزمة وكان الهدف وراء هذه الخطة هو توجيه الدول لحل المشاكل الاقتصادية والتغلب على نظام الليبرالية المطلقة.
- تم وضع الخطة وتكونت من خطوتين حيث تميزت الخطوة الأولي بوضع عدد من القوانين مثل قانون الإنقاذ البنكي والمالي لسنة 1934
- ينص هذا القانون على تخفيض قيمة الدولار وسحب الودائع الأمريكية من أوروبا وذلك بهدف المساعدة وتقديم الدعم.
- تم وضع قانون التوازن الفلاحي سنة 1934 وذلك بهدف التقليل من حجم المساحات المزروعة للحد من انهيار الأسعار كما ينص على دعم الفلاح لاسترجاع الأراضي الخاصة به.
- تم إنشاء قانون الإصلاح الصناعي في نفس السنة وينص على تقليل الحد الأدنى من الأجور ومنع الاطفال من العمل كما ينص على الحد من انهيار أسعار الموارد الصناعية.
- قانون الإصلاح التجاري ينص على تقليل الاسعار الجمركية وفرض حماية على السلع التي يتم استيرادها.
- قانون الرعاية الاجتماعية وقد تم إقرار هذا القانون للحد من البطالة ومشاكل الشيخوخة وتقديم المساعدة لذوي الاحتياجات وإنشاء مكتب وطني.
- واجهت هذه الخطة حاجزين أولاً تم إلغاء دستورية هذه القوانين من قبل المحكمة العليا كما أنه تم رفض هذه القوانين من قبل رجال الأعمال الكبار وهذا يعتبر الحاجز الآخر.