الحضارة الفارسية القديمة: تاريخها، الحياة الاجتماعية، وأبرز معالمها حتى السقوط


قامت الحضارة الفارسية في إيران عام 559 ق.م، على يد الإمبراطور الفارسي كورش الأكبر، مؤسس الدولة الأخمينية، واستمرت الدولة الفارسية بمراحل متعددة حتى سقطت الدولة الساسانية (آخر مراحلها) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب بعد معركة نهاوند عام 642م.

لم تقتصر الدولة الفارسية على إيران فقط، بل امتدت رقعتها لتضم بلاد ما وراء النهر والعراق، كما توسعت أحيانًا لتشمل مناطق في الأناضول وسوريا وحتى مصر، غير أن سيطرتها على هذه المناطق لم تكن دائمة، فكانت تتراجع أمام القوى الأخرى كالإغريق والرومان ثم البيزنطيين.

تاريخ الحضارة الفارسية

يمتد تاريخ الحضارة الفارسية عبر عدة عصور، من الدولة الأخمينية التي أسسها كورش الأكبر، مرورًا بالبارثيين، ثم الدولة الساسانية التي كانت آخر الإمبراطوريات الفارسية قبل الفتح الإسلامي. وقد تميز هذا التاريخ بقدرة الفرس على التنظيم والإدارة وتوسيع النفوذ الثقافي والسياسي، مما جعلهم من أبرز القوى المؤثرة في الشرق الأدنى القديم. ساعدهم موقعهم الجغرافي وثرواتهم الطبيعية على بناء دولة مركزية قوية استمرت قرونًا.

مظاهر الحياة بدولة الفرس

  • كثرت بها الفتن والانقلابات، خاصة في فترات انتقال السلطة أو ضعف الملوك.
  • اعتاد الفرس على تعظيم ملوكهم ووضعهم في مكانة مقدسة تقترب من الآلهة، كتعظيمهم لكسرى ووصفهم له بالإله العظيم، وقد بلغ الأمر أنهم كانوا يسجدون له.
  • يبدو النظام الاجتماعي للفرس طبقيًا نوعًا ما، فقد احتل الحكام والأغنياء رأس الدولة، وعمل العامة بالحرف المختلفة، وفرضت عليهم الدولة أن يعمل كل منهم بعمل أبيه، وفرضت عليهم الضرائب، وعاش البعض بنظام السخرة.
  • انتشرت الديانة المجوسية (الزردشتية) بدولة الفرس، وهي ديانة توحيدية تؤمن بإله الخير "أهورامزدا" وإله الشر "أهريمان"، واعتبروا النار رمزًا للطهارة، فكانت تُعبد رمزيًا في المعابد، لا بذاتها.
  • انتشرت بعض العادات السيئة بدولة الفرس مثل زواج المحارم في الطبقات الملكية، والتبني، كما لم تحظَ المرأة بتقدير كبير، فكانت تُعامل كالرقيق في بعض المراحل التاريخية.

الحياة الاجتماعية في الحضارة الفارسية

تُظهر الحياة الاجتماعية في الحضارة الفارسية مزيجًا من النظام الطبقي الصارم والانضباط الإداري. فقد قُسم المجتمع الفارسي إلى طبقات واضحة المعالم، وكان لكل طبقة حقوق وواجبات محددة. عاش النبلاء والملوك في رفاهية، بينما اضطرت الطبقات الدنيا للعمل في الزراعة والصناعات، وخضعت لنظام السخرة أحيانًا. كما تأثرت الحياة الاجتماعية بالتقاليد الدينية والموروثات القديمة، ما انعكس على القوانين، والأعراف، ودور المرأة في المجتمع.

مظاهر الحضارة الفارسية

شهدت الدولة الفارسية نهضة حضارية وعلمية استطاعت أن تجعلها من أكبر الحضارات في التاريخ، وفيما يلي أهم المظاهر الحضارية ببلاد فارس:

  • شهدت علوم الإدارة والسياسة تقدمًا واضحًا بدولة فارس، خاصة في عهد الملك أردشير الأول (مؤسس الدولة الساسانية)، الذي قسم المجتمع إلى عدة أقسام وجعل على رأسها رجال الدين، يليهم الجيش، ثم الكتبة، ثم العمال.
  • انقسم التعليم إلى نوعين تبعًا للطبقات التي قُسمت إليها الإمبراطورية الفارسية، فكان للأغنياء مدارس خاصة يتعلمون فيها العلوم كالطب والحساب والقانون، أما عامة الشعب فكانوا يتعلمون فنون الحرب وركوب الخيل ورمي القوس، ويتربّون على خشونة العيش وتحمل المشاق.
  • عمل الفرس بالزراعة واعتمدوا عليها اعتمادًا كبيرًا، وأقاموا لها السدود والحواجز المائية، كما عرفوا الصناعة واهتموا بصناعة الخزف والسجاد والأقمشة، وكذلك الصناعات الحربية.
  • عرف الساسانيون أنواعًا مختلفة من العلاجات، ومنها: 
    • الطب البديل.
    • الجراحة.
    • العلاج النفسي، وكان لهم دور في تأسيس مستشفيات ومدارس لتعليم الطب.
  • أولى الفرس اهتمامًا كبيرًا ببناء السدود والقنوات المائية والطرق والقصور، وقد ظهرت مهاراتهم الهندسية في أنظمة الري المتقدمة التي اعتمد عليها الفلاحون في الزراعة.

معالم الحضارة الفارسية القديمة

تتجلى معالم الحضارة الفارسية القديمة في الإنجازات المعمارية والإدارية والعلمية. من أبرز تلك المعالم: القصور الفاخرة مثل "قصر برسبوليس"، وأنظمة الري تحت الأرض (الـقنات)، وتنظيم البريد والطريق الملكي الذي ربط أجزاء الإمبراطورية، وازدهار العلوم الطبية والفلكية، إضافة إلى النحت والفنون الزخرفية. كما أن الديانة الزرادشتية التي ظهرت في هذه الحضارة كان لها أثر ثقافي وفلسفي بالغ في المشرق القديم.

الفن الساساني

تميزت الزخارف الساسانية بالأشكال النباتية والهندسية المركبة والمتداخلة، وكذلك أشكال الحيوانات والطيور والطبيعة. أبدع الفرس في صناعة الخزف والنحت والتلوين وفنون التصوير والأقمشة والسجاد، وأتقنوا النسب الجسدية في الصور والزخارف، كما تطورت عندهم العمارة لتشمل القصور والمعابد ذات القباب العالية والزخارف الدقيقة.

سقوط الحضارة الفارسية

جاء سقوط الحضارة الفارسية على يد المسلمين في القرن السابع الميلادي بعد سلسلة من المعارك الحاسمة، أهمها معركتا القادسية ونهاوند، حيث أُسقطت الدولة الساسانية نهائيًا. وعلى الرغم من انهيار النظام السياسي، إلا أن الكثير من عناصر هذه الحضارة استمرت في التأثير على الدولة الإسلامية، خصوصًا في مجالات الإدارة والعلوم والآداب.

الأسئلة الشائعة حول الحضارة الفارسية القديمة

ما هي بداية الحضارة الفارسية القديمة؟
بدأت الحضارة الفارسية القديمة عام 559 قبل الميلاد على يد كورش الأكبر، مؤسس الدولة الأخمينية، وقد كانت إحدى أعظم حضارات الشرق الأدنى في العصور القديمة.

ما أبرز معالم الحضارة الفارسية القديمة؟
من أبرز معالم الحضارة الفارسية القديمة: قصر برسبوليس، أنظمة الري والقنوات، الطريق الملكي، التنظيم الإداري المتقن، وتطور الطب والزراعة والفنون المعمارية.

كيف كانت الحياة الاجتماعية في الحضارة الفارسية؟
كانت الحياة الاجتماعية في الحضارة الفارسية تعتمد على نظام طبقي، حيث وُجدت فوارق واضحة بين الطبقات، وتميّزت بسلطة قوية للملوك ورجال الدين، بينما خضع عامة الشعب لنظام السخرة والضرائب.

ما هو سبب سقوط الحضارة الفارسية؟
سقطت الحضارة الفارسية على يد المسلمين في القرن السابع الميلادي، بعد معارك حاسمة مثل القادسية ونهاوند، نتيجة ضعف الدولة الساسانية وكثرة الفتن الداخلية.

ما تأثير الحضارة الفارسية على الحضارات اللاحقة؟
كان للحضارة الفارسية تأثير كبير على الحضارات اللاحقة، خاصة في الدولة الإسلامية، حيث استفادت من النظم الإدارية، والعلوم الطبية، والهندسة المعمارية التي طورها الفرس.

Web Media
Web Media
تعليقات